آراء الإمام الغزالي في إتفق العلماء على أن صفة الكلام لله تعالى قديمة وواحدة وغير متعددة


آراء الإمام الغزالي في إتفق العلماء على أن صفة الكلام لله تعالى قديمة وواحدة وغير متعددة علما بأن المضمون الكلام يشمل على أمر، ونهي، والخبر، والإستخبار

            الإمام الغزالي في إستدلاله على هذه الصفة يذكر نفس الإستدلال الذي ارتضاه عند الإستدلال على صفتي السمع والبصر. وخلاصة هذا الإستدلال تعود على فكرتي الكمال والأكمل. والدليل يتخلص إلى قول : إن الكلام في المخلوق إما أن يكون كمالا، ان يكون نقصا، أو يكون لا كمال ولا نقصا.     فهذا إقتراضات ثلاثة يسقط منها بالإستحالة العقليّة إرتفاع الوصف بالكمال والنقص، إذ أن الكمال والنقص لا يرتفعان عن الموصوف في وقت واحد. وإذا كان الكلام والوصف به كمال للمخلوق، فهذا الكمال يثبت للخالق من باب الأولى.
            ويستنتج الإمام الغزالي بعد ذالك أن الطريق الوحيد المأمون وهو بطريق الذي يتخذ من فكرتي الكمال والأكمل أساسا متينا يعتمد عليه.
الكلام المفروضة لله تعالى لا تخرج عن الإحتمالات التالية، فكلام الله عزّ وجل منها:
1. يحتمل أن يكون حرفا وأصواتا قائمة بذاته تعالى.
أن الكلام الذي هو حرف وصوت يعد كمالا بالنّسبة للمخلوق، ولا للخالق. ذلك أن أقل ما فيه من النقص أنه حادث، والحوادث لا تقوم بذاته تعالي.
وعلى الجملة فإن هذا الفرض ( فرض ان يكون الله متكلما بحرف وصوت) لا يعد كمالا بالنسبة لله تعالي، وإن كان يعد كمالا بالنسبة للمخلوق.
2. يحتمل أن يكون الله تعالي متكلما بمعني أن يكون قادرا على خلق الصوت والحرف.
والمسألة لا تخرج عن أمرين :
·         إما أن يكون االله تعالي قد خلق الكلام الذي هو الحرف والصوت في محل أخر غير ذاته.
·         وإما أن يكون الله قد خلقه في ذاته، وهو محال لإستحالة قيام الحوادث بذاته.
ولم يبق عندنا احتمال آخر نحمل تفسير كلام الله تعالي عليه إلا أن يكون إحتمالا غير معقول، وغير المعقول لا يمكن إثباته.
مناقشة الإمام الغزالي لهذا الموقف :
ويرى الإمام الغزالي أن الذي يتأمل هذا الموقف السابق يجد أنه صحيح في تقسيماته، وصحيح أيضا في رد الإحتمال الأول و الثاني فيما ذكره من الإحتمالات، ولكنه غير موافق في رد الإحتمال الثالث، وهو أن يكون هناك الله تعالي هي صفة الكلام خارجة عن نطاق القدرة على خلق الأصوات والحروف. وهذا الإحتمال الأخير حين يثبت لله صفة الكلام إنما يثبتها على معنى الكلام النفسي الذي يعتبر الصوت والحرف من الأمور الدالة عليه.
أراء المنكرون لوصف الله تعالى بالكلام النفسي.
            و القياس من قولهم : إن الله كذالك لا يوصف بما يسمى بالكلام النفسي، ورأوا أن الكلام النفسي على ما يزعمه علماء الأمة خرافة لا لأصل لها في الواقع العلمي. وبيان ذلك عندهم أنهم يقولون : إنه ليس لدينا إلا ألفاظ متفرقة أو مجتمعة، ومعان تدل عليها هذه الألفاظ هي موجودة في ذهن الإنسان متفرقة أو مجتمعة.
            وأما القوة التي تقوم بترتيب الألفاظ والمعاني تسمي القوة المفكرة. وأما عملية ترتيب المعاني والألفاظ في داخل النفسي تسمي تفكيرا.
و أيضا هم يرون أن مظاهر ما يحدث في النفس أمور أربعة هي : الخبر، والإستخبار، والأمر، والنهي.
-          الخبر معناه أن يكون المرء قد علم بحقيقة أمر كالضرب.
-          الإستخبار معناه أن تكون هناك رغبة في النفس وشوق لمعرفة شيء معين.
-          الأمر معناه وجود رغبة في النفس وإرادة في أن ينصاع كائن آخر بعينهز
-          والنهي معناه وجود رغبة في النفس أن يحجم غير عن فعل شيء معين.
جواب الإمام الغزالي علي هذا ا لإعتراض.
ويجيب الإمام الغزالي على هذا الإعتراض بأن المعترض قد وقع أسيرا للوهم   ، وهو يحلل العمليات النّفسية. والعمليات النفسية لدقتها، وتشعب وظائفها وتداخلها، ولأنها لا تدرك بالحواس.
ولكي يتضح البيان، يجري الإمام الغزالي تجربة بالسلب، والتجربة بالسلب التي يجربها الإمام الغزالي تتمثل في نحو رجل إعتدي على عبده وغلامه بالضرب، فرفع الغلام مظلمته إلى الملك، فطلب الملك من سيده أن يمثل أمامه، وفهم السيد أن الملك سيوقع به العقوبةن إن لم يظهر براءته، فاحتج السيد على سلامة موقفه بأنه إنما أوقع به العقاب لأنه يعصي أمره، والدليل علي ذلك أنه مستعد أن يأمره بحضرة الملك ليرى الملك بنفسه أنه لا يطيع له أمرا، ثم يتوجه السيد إلى عبده أمرا له بالقيام أمرا لازما لا تردد فيه.
والإمام الغزالي يدفع في وجه هذا الإعتراض ويردده معتمدا علي امرين:
-          ان هذا الذي ذكرناه لو لم يكن أمرا، لما تمت الحجة على براءة السيد به عند الملك حين يعصي العبد الأمر الذي توجه إليه السيد به بين يدي الملك، ولكنه في الحقيقة قد تمت له الحجة وخلص له الدليل فثبت بذلك أم الأمر كان على حقيقته.
-          أن السيد إذا خرج من عن الملك، وأقسم بالله، أو بالطلاق أنه قد امر عبده بالقيام بين يدي الملك فعصاه.
ومن هنا فإن القوم يلتزمهم الحجة من خلال هذه التجربة السلبية أو يجب عليهم الإقرار بأن في النفس شيء يسمّي الكلام النفسي، وأن ما في اللسان دلّ عليه، و أن الكلامالنفسي ثابت لله، وأن الحروف والأصوات علي نحو ما هي في الحادثات مستحيلة عليه تعالي.
Share this article :

Posting Komentar

 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
Copyright © 2011. Waroeng Mukhtasor - All Rights Reserved
Template Created by Creating Website Published by Mas Template
Proudly powered by Blogger